فصل الربيع … فصل الجمال والبهجة والبدايات الجميلة .

“عاد فصل الربيع”

يـا حـبيبي أفق فقد ضحك الروض

وأبـدى جـمـالـه المحجوبا

واسـتـعـاد الوادي الأنيس سناه

وبـنـى الـطـير عشه المخروبا

طـرب الـقـلـب فانتشى وتغنى

ومـن الـحـب أن أعيش طروبا

وأنـا الـشـاعر الذي يغمر الأرواح

ضـحـكـاً ومـا يريم كئيبا

فـي فؤادي اللهيف داء قداستعــصـى

وجـرح يـمضّني تعذيبا

هـو ذا مـوكـب لآذار حـلـو

يـتـمـشـى على السهول لعوبا

مـلأ الأرض والـسموات عطراً

ونـفـى الـهمّ والضنى والشحوبا

يمر علينا في العام أربعة فصول وهي فصل الصيف، الشتاء، الخريف، والربيع. وبالطبع لكل فصل خصائصه المناخية المختلفة والتي تنعكس آثارها على الأجواء النفسية و الاجتماعية للناس في مختلف العالم. و أَحب هذه الفصول هو فصل الربيع الجميل فصل النشاط و التجديد و فصل البدايات الجميلة.

مظاهر فصل الربيع

يهل علينا فصل الربيع بجوه البديع بعد انتهاء موجة الشتاء الماطر والمثلج، و تحديداً في نهايات شهر آذار/ مارس. حيث يعلن فصل الشتاء انسحابه بقلة تساقط الأمطار، ارتفاع الحرارة بشكل معتدل، وذوبان الجليد. فتسطع الشمس بدفئها ، فتجف الشوارع المبتلة، و تنمو النباتات من جديد، و تورق أوراق الأشجارالخضراء من جديد، و تزهر الأزهار الفواحة، و تزدان البيئة بالخضرة. تصحو فيه الحيوانات من البيات الشتوي؛ لتعود من جديد و بعزيمة أكبر للعمل و البحث عن الطعام. و تعود العصافير المهاجرة لترفرف و تزقزق و تبني أعشاشها من جديد. ليس هذا فقط بل في الربيع تتكاثر الطيور و الحيوانات و يظهر صغارهم، و تكثر الفراشات ذات الألوان الزاهية.

مميزات فصل الربيع للاطفال والكبار

يستمد الإنسان طاقته و حيويته في ظل جمال الطبيعة الخلابة، وطول فترة النهار لتتعدى ساعات الليل. و بذلك ينبعث تلقائياً شعور النشاط، الأمل و الراحة، فتستعد النفوس بكل همة و فرح للقيام بالنزهات، قضاء الوقت في الطبيعة الساحرة، إقامة الحفلات، و الرحلات. و في هذا الشأن، أجرت جامعة ميتشغان دراسة حول نتيجة قضاء الاشخاص وقت في الهواء الطلق، و كانت النتيجة أن قضاء وقت أكثر في الطبيعة يحسن المزاج، و يغير من طرق التفكير لدى الأشخاص، و يمدهم بالإبداع،و الابتكار، و يؤدي إلى انفتاح العقل على المعلومات و الأفكار الجديدة. و لعل التعرض لأشعة الشمس الجميلة في ساعات الصباح يخفف من حدة التوتر و الضغوط النفسية كذلك.

و مع قدوم الربيع، يقوم الناس بتوضيب الثياب الشتوية و المعاطف الثقيلة، و تجهيز الثياب الربيعية القطنية ذات الألوان الزاهية. و يحثهم النشاط أيضاً إلى القيام بمهمات التنظيف و الترتيب في البيت بتعاون أفراد الأسرة. لا نكتفي بهذا فحسب؛ بل نذكر أن هناك مناسبات جميلة يحتفل بها الناس في العالم في ربيع كل عام مثل مهرجان الألوان في الهند حيث يتم نثر الألوان و سكب الماء. إضافة إلى يوم شم النسيم الجميل في مصرحيث تتنزه الأسر المصرية و تخرج إلى المتنزهات و الحقول و تزين قشرة البيض المسلوق بالألوان الجميلة.

الربيع في الشعر

من جمال الصورة الحية التي تتجلى مع قدوم فصل الربيع، نرى الكثير من الشعراء قد استوحوا منها فكراً و أدخلوها في شعرهم. وبشكل عام استخدمت كلمة الربيع لتصور كل ما هو جميل و مشرق و يافع كالحب و فترة الشباب، و كل ما هو خير. و لم يتم توظيف كلمة الربيع لتعطي إيحاءً سلبياً، و هذا بلا شك يظهر في استخدام الأدباء لكلمة الربيع بكل ما هو جميل، بل أيضاً بإظهار حزنهم و وداعهم للربيع عند حلول انتهائه. و جعلوا من الربيع فصل الأفراح و انتهاء الاحزان و المآسي. فمنهم من نظم أبياتاً حول جمال الربيع مثل قصيدة الشاعر ناجي إبراهيم مرحباً بالربيع حيث يقول:

مرحى ومرحى يا ربيع العامِ أشرق فدْتك مشارقُ الأيامِ

بعد الشتاء وبعد طولِ عبوسه أرِنا بشاشةَ ثغرِكَ البسّامِ

وابعث لنا أرجَ النسيمِ معطراً متخطراً كخواطر الأحلامِ

و هناك من الشعراء من وظف الربيع في منظور مختلف حيث ربط الحب و الهوى و جمال المحبوبة بمظاهر الربيع التي تعزو إلى جمال الرومانسية؛ حيث يقول بدر شاكر السياب:

كأن ابتسامتها والربيع شقيقتان، لولا ذبول الزهر

أآذار ينثر تلك الورود على ثغرها؟ أم شعاع القمر؟

ففي ثغرها افترّ كل الزمان وما عمر آذار إلا شهر

وبالروح فديت تلك الشفاه وإن أذكرتني بكاس القدر !

أطلي على طرفي الدامعِ خيالاً من الكوكب الساطعِ

وظلاً من الأغصن الحالمات على ضفة الجدول الوادعِ